كيف يقوم العبد بشكر ربه علي نعمه الكثيرة

0
IMG-20210524-WA0006

كيف يقوم العبد المسلم بشكر ربه تعالى على نعمِه الكثيرة ؟

السؤال


ما هو أفضل شيء يقوم به الإنسان لشكر الله على نعمه التي منّ بها علينا ؟ .


الجواب


الحمد لله.

أولاً:
الشكر هو : المجازاة على الإحسان ، والثناء الجميل على من يقدم الخير والإحسان ، وأجل من يستحق الشكر والثناء على العباد هو الله جل جلاله ؛ لما له من عظيم النعَم والمنن على عباده في الدِّين والدنيا ، وقد أمرنا الله تعالى بشكره على تلك النعم ، وعدم جحودها ، فقال : ( فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ ) البقرة/ 152 .
ثانياً:


أعظم من قام بهذا الأمر ، فشكر ربَّه ، حتى استحق وصف ” الشاكر ” و ” الشكور ” هم الأنبياء والمرسلون عليهم السلام :
قال تعالى : ( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ . شَاكِراً لَأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) النحل/ 120 ، 121 .
وقال تعالى : ( ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً ) الإسراء:/ 3.


ثالثاً:
ذكر الله تعالى بعض نعمه على عباده ، وأمرهم بشكرها ، وأخبرنا تعالى أن القليل من عباده من قام بشكره عز وجل .

  1. قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ) البقرة/ 172 .
  2. وقال تعالى : ( وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ ) الأعراف/ 10 .
  3. وقال تعالى : ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) الروم/ 46 .
  4. ومن النعم الدينية : قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) المائدة/ 6 .
    وغير ذلك كثير ، وإنما ذكرنا هنا بعض تلك النِّعَم ، وأما حصرها : فيستحيل ، كما قال الله تعالى : ( وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الْأِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ) إبراهيم/ 34 ، ثم منَّ الله علينا فغفر لنا تقصيرها في شكر تلك النعم ، فقال : ( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ) النحل/ 18 .
    والمسلم دائم الطلب من ربِّه تعالى أن يعينه على شكره تعالى ؛ إذ لولا توفيق الله لعبده ، وإعانته : لما حصل الشكر ، ولذا شرع في السنَّة الصحيحة طلب الإعانة من الله على شكره تعالى .
    عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِهِ وَقَالَ : ( يَا مُعَاذُ ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ ، فَقَالَ : أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ : اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ ، وَشُكْرِكَ ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ ) .
    رواه أبو داود ( 1522 ) والنسائي ( 1303 ) ، وصححه الألباني في ” صحيح أبي داود ” .
    وكان الشكر على النِّعَم سبباً في زيادتها ، كما قال تعالى : ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ) إبراهيم/ 7 .
    رابعاً:
    كيف يكون شكر العبد ربَّه على نعمه الجليلة ؟ يكون الشكر بتحقيق أركانه ، وهي شكر القلب ، وشكر اللسان ، وشكر الجوارح .
    قال ابن القيم – رحمه الله – :
    الشكر يكون : بالقلب : خضوعاً واستكانةً ، وباللسان : ثناءً واعترافاً ، وبالجوارح : طاعةً وانقياداً .
    ” مدارج السالكين ” ( 2 / 246 ) .
    وتفصيل ذلك :
  5. أما شكر القلب : فمعناه : أن يستشعر القلب قيمة النعم التي أنعمها الله على عبده ، وأن ينعقد على الاعتراف بأن المنعم بهذه النعَم الجليلة هو الله وحده لا شريك له ، قال تعالى : ( وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ) النحل/ 53 .
    وليس هذا الاعتراف من باب الاستحباب ، بل هو واجب ، ومن نسب هذه النعم لغيره تعالى : كفر .
    قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله – :

About Author

اترك رد