علي الولد أن يخاطب والديه بالأدب والتواضع وأن يلين لهما الكلام
على الولد أن يخاطب والديه بالأدب والتوقير والتواضع وأن يلين لهما الكلام
السؤال
أختي لا تحبّ أبي، وتدعو عليه، وترى أنه ظلم والدتي كثيرًا في صغرنا، وأنه لا يزال يتكلّم معها بقسوة، وترى أنه يبخل عليها بأبسط الأشياء، ولو طلبت شيئًا لنفسها، فإنه يجعلها تدفع ثمنه، وتقول لي إنها بمجرد أن تتزوج ستقاطعه، وستعامله معاملة جافة، كما تصرخ دومًا في وجهه، وفي وجه أمي، وأرى أن أختي مخطئة؛ لأن أبي يدللها كثيرًا، ولا يبخل عليها كما تقول، بل أحضر لها سيارة خاصة بها، وإذا احتاجت شيئًا أحضره لها، كما أنه من أجلها وافق على خطبتها من إنسان مختلف عنا؛ إرضاء لها وحسب، وهو مريض بأمراض مزمنة تهدد الحياة، وأنا أقول لها دائمًا: مهما فعل، فهو أبوك، وأخاف أن يحدث له شيء بسبب أفعالها، وفي آخر مشكلة بينهما، وقعت القطيعة، فهل أختي عاقة لأبيها في هذه الحال؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فحقّ الوالدين على ولدهما عظيم، وبرّهما من أوجب الواجبات، كما أنّ عقوقهما من أكبر الكبائر، ومهما كان حال الوالدين، ومهما أساءا إلى الولد؛ فلا يسقط حقّهما في البِرّ والمصاحبة بالمعروف؛ فإن الله قد أمر بالمصاحبة بالمعروف للوالدين المشركين الذين يأمران ولدهما بالشرك، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15}.
فإن كان الحال- كما ذكرت- من كون الوالد محسنًا إلى ابنته، وهي تدعو عليه، وتصرخ في وجهه، وتريد قطعه؛ فهي عاقة لأبيها.
وعليك أن تنصحي لها، وتخوّفيها عاقبة العقوق، وتبيّني لها ما أوجب الله عليها من البر، والمصاحبة بالمعروف، وأنّه لا يجوز لها الدعاء على أبيها، ولو كان ظالمًا لها.
وأنّ عليها أن تخاطب والديها بالأدب، والتوقير، والتواضع، وتلين لهما الكلام، قال تعالى: .. فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23-24}، قال القرطبي -رحمه الله- في تفسيره: فينبغي بحكم هذه الآية أن يجعل الإنسان نفسه مع أبويه في خير ذلة في أقواله وسكناته ونظره، ولا يحد إليهما بصره؛ فإن تلك هي نظرة الغاضب. انتهى.
والله أعلم.