حفظ اللسان في الاسلام
أهمية حفظ اللسان في الإسلام
اللسان والكلام نعمة عظيمة، تكون من خلالها العباداتُ القوليةُ المتنوعةُ، كما تكون من خلالها أيضًا قضاء الحاجات، والترويح عن النفس، غير أنها من أهم الجوارح التي ينبغي مراعاتها سلبًا وإيجابًا.
في حديث معاذ رضي الله عنه الطويل، وفيه: «فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ فَقَالَ: كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟! قَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ قَالَ: عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟»
فاللسان يسرق الحسنات بعمله للسيئات، من الغيبة، أو النميمة، أو قول الزور، أو شتم الناس، وسبهم، والسخرية منهم، وغير ذلك.
وقد يكون لسانُك نهرًا يُجري لك بالحسنات العظيمة في أعمال يسيرة؛ كما في الحديث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَقْرِئْ أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلَامَ، وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الْجَنَّةَ طَيِّبَةُ التُّرْبَةِ عَذْبَةُ الْمَاءِ، وَأَنَّهَا قِيعَانٌ، وَأَنَّ غِرَاسَهَا سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ»
ومما يتعين على الإنسان أن يُشْغِل لسانه بطاعة مولاه؛ كما ورد في الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللهِ»
إنَّ من أيسر الأشياء وأسهلها أن يلفظ الإنسان تلك الكلمات، لكن قد لا يستشعر ما وراءها من الأجر العظيم، أو الإثم الكبير، حسب تلك اللفظة، فاختَر لفظاتك، وكلماتِك، كما تختار أطايبَ الطعام؛ فإنك تُعرف بما تتحدَّث به.
يقول أبو بكر رضي الله عنه -وهو يمسك بلسان نفسه-: (هَذَا الَّذِي أَوْرَدَنِي الْمَوَارِدَ). وقالوا: من كثر كلامُه كثُر سَقَطُه، ومن كَثُر سقطه كثرت ذنُوبه.
وقالوا: اللسان عضلة، وخلفه كلُّ معضلة، فما أكثرَ ما نتكلم به، وما أقل ما نتثبت فيه، إلا من رحم الله؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم : «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ»
فجمع هذا الحديثُ العظيمُ بين القول والفعل، وهناك آفات للسان يجب الحذرُ منها، ومن ذلك:
1- الكذب، وهو دليل على ضَعف شخصية هذا الكاذب.
2– الغيبة والنميمة، سواء كانت بالهمز – وهو الفعل – أو باللمز – وهوالقول – قال تعالى: ﴿ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ﴾ [القلم: 11].
3– إفشاء الأسرار، فهو باب التفرق، والاختلاف، ونافذته.
4- السب واللعن لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا يَكُونُ اللَّعَّانُونَ شُفَعَاءَ، وَلَا شُهَدَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
5- الكلام فيما لا يعني، وهو مِن معاول هدمِ البناء الخلقي، ولو كان كلامُنافيما يعنينا؛ لهُدينا ووُقِينا.
6- المِراء، والجدال لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا…».