بر الأب في السنة المطهرة
بقلم/ سماح جمال
بر الأب في السنة المطهرة
الأب هو شجرة العطاء لأبناءه، حيث يمنحهم الحب بلا مقابل، دائم الحنان والمحبة، يغدو في الصباح ليجلب قوت يومه، يعتبر عمود البيت وصمام الأمان للأسرة بالكامل، ليحميهم من المخاطر التي قد تحيط بهم.
يعتبر الأب هو السند ومصدر الأمن والامان للأسرة بالكامل، وهو الصديق لأبنائه والحبيب الأول لبنته، قد يغيب لساعات طويلة في عمله خارج المنزل لتوفير كافة الاحتياجات الخاصة بأبنائه وتحديدًا في مجال التعليم والصحة.
ولا يغفل الأب عن رفاهية أبنائه ودوره الكبير في حصول الأبناء على وقت يقضونه سويًا خارج أسوار المنزل أو داخله، لكن يكون وقت ملئ بالمرح واللعب للشعور بالألفة والمحبة وخلق جو من الإيجابية في محيط الأسرة.كما أن الأب لا يتذوق طعم الراحة إلا عند شعور أبنائه وأسرته بالكامل بالراحة، والرجل الشجاع هو من يلتجي إليه أبنائه وقت ضعفهم ليساندهم في كافة الأمور التي يمرون بها، فالأب لا يعرف الكسل عندما تأتي سيرة الأبن.
يعتبر الأب هو المربي دون تقصير حيث يطمح دائمًا في تربية أبنائه وتنشأتهم بالشكل المطلوب بطريقة سليمة .واللجوء إلى الأب عادة ما يُريح القلوب ويثمر الصدور، فينشئ جيل سوي نفسيًا ومحب للحياة ومفعم بالإيجابية. •بر الاب بر الأب من أعظم الطاعات وأجل القربات التي يغفل عنها كثير من الأبناء لاسيما في زمن الفتنة بالدنيا والانشغال بالملذات وقد ورد فضل عظيم في بر الوالد في السنة المطهرة قال أبو الدرداء: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الوالد أوسط أبواب الجنة فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه). رواه أحمد.
وللأب فضل عظيم أنه سبب في وجود الابن في هذه الحياة وهو عنوان الولد وإليه ينسب في الدنيا ويدعى الولد باسمه واسم أبيه يوم القيامة وكم شقي الأب في تربيته وتعليمه وتوجيهه للخير والانفاق عليه وحمايته من الآفات فلما كبر الولد واستغنى ورزقه الله أعرض عن أبيه وتناسى إحسانه وقابل الإحسان بالإساءة وكان من أهل الجحود قال تعالى: (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ).وقد ورد في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي. قال: أمك قال ثم من قال ثم أمك قال ثم من قال ثم أمك قال ثم من قال ثم أبوك).
وهذا يدل على أن بر الأم أعظم من بر الأب وأنه مقدم عليه فبالغ بعض الأبناء في بر الأم ومالوا إليها حتى فرطوا في بر الأب وتناسوه وقطعوا بره أو قصروا فيه وهذا التصرف فيه ظلم للأب ومخالف للشرع ووقوع في ذنب متوعد عليه بالنار ولا شك أن القيام ببر الأم لا يستلزم تضييع حق الأب والتفريط فيه فالشارع جعل لكل منهما حق في البر والصلة قال تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا). وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف.
قيل: من يا رسول الله قال: من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة). رواه مسلم. ومن بر الأم وترك بر الأب كان كمن صلى ولم يزك ماله. ويلاحظ أن القرآن في جميع آيات البر لم يفرق بين الأبوين في وجوب البر والصلة قال تعالى: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ). وقال ابن حزم في مراتب الإجماع: (واتفقوا أن بر الوالدين فرض).من فاته بر والده في الدنيا أو قصر في بره فليبره بعد وفاته في هذه الوجوه لعل الله أن يغفر له بعض تقصيره ومن تاب تاب الله عليه:1- أن يقضي دين والده ويبرأ ذمته إن كان قادرا على ذلك فإن ذلك من أعظم البر والإحسان إليه بعد موته والولد النبيل لا ترضى نفسه أن تكون نفس والده محبوسة بدينه وهو يتقلب في النعم.2- أن يصل أصدقاء أبيه فعن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أن رجلا من الأعراب لقيه بطريق مكة فسلم عليه عبد الله وحمله على حمار كان يركبه وأعطاه عمامة كانت على رأسه فقال ابن دينار: أصلحك الله إنهم الأعراب وإنهم يرضون باليسير. فقال عبد الله: إن أبا هذا كان ودا لعمر بن الخطاب وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن أبر البر صلة الولد أهل ود أبيه). رواه مسلم.
3- أن يتصدق عن والده بأي نوع من أنواع المال وأعظم ذلك إن أغناه الله وأراد أن يحسن إليه فليجعل له وقفا صدقة جارية من بناء مسجد أو حفر بئر أو بناء مدرسة وغيرها من وجوه البر لما ورد في صحيح البخاري عن ابن عباس أن سعد بن عبادة رضي الله عنهم أخا بني ساعدة توفيت أمه وهو غائب عنها فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (يا رسول الله إن أمي توفيت وأنا غائب عنها فهل ينفعها شيء إن تصدقت به عنها قال نعم قال فإني أشهدك أن حائطي المخراف صدقة عليها).4- أن يكثر الاستغفار والدعاء له قال تعالى: (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ). وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له، رواه مسلم. وقد دلت السنة على أن الوالد ترفع درجته في الجنة بسبب استغفار ولده فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الرجل لترفع درجته في الجنة فيقول: أنى هذا فيقال: باستغفار ولدك لك). رواه ابن ماجه. قال عامر بن عبدالله بن الزبير: (مات أبي فما سألت الله حولا إلا العفو عنه).