اندماج المرأة في المجتمع من وجهة نظر الإسلام

0
IMG-20210331-WA0000

اندماج المرأة في المجتمع من وجهة نظر الإسلام

من الهجمات المتكررة على الإسلام أنه دين يعوق انخراط المرأة في المجتمع، ونعني بانخراط المرأة في المجتمع اندماجها خارج البيت في أوجه السعي التي لها أثر على طبيعة المجتمع وتوجهاته، يقال إن الإسلام يرغب في حرمان النساء من القيام بأي دور اجتماعي له معنى ليجعلهن رهن بيوتهن تحت مراقبة الرجال وسيطرتهم، وهذا الزعم لا يعكس بدقة كامل تعاليم الإسلام حول هذه القضية.
يدعو الإسلام إلى نظام اجتماعي يؤكد تأكيدًا بالغًا على قيام المرأة بدورها داخل بيتها، وفي الوقت ذاته يعطي الإسلام المرأة مساحة كبيرة لتشارك في الأنشطة العامة مشاركة مفيدة، وتهدف هذه المقالة إلى النظر في أوجه انخراط المرأة في المجتمع كما بيّن القرآن والسنة، على أن نسبق ذلك ببيان موجز لأوجه المساواة الجوهرية بين الرجل والمرأة في الإسلام.
جوهر المساواة بين الرجل والمرأة في الإسلام:

يؤكد القرآن الكريم على تساوي الرجل والمرأة في جوهر طبيعتهما المادية والروحية، ونقرأ في هذا الصدد قول الله تعالى: [وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ]
وهذا التكريم الإلهي لبني البشر لا يترك زعمًا لزاعم بتفوق أحد الجنسين على الآخر، أو شعورًا بالضّعَة لأسباب التكوين البدني أو الروحي؛ إذ إن هذا الشعور يرمز إلى مخططات لاضطهاد الناس على أساس الجنس، وهذا الشيء لا مكان له في الإسلام.

ونقرأ أيضًا قول الله تعالى: [لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ]
مما يُبَيِّن مرة أخرى أن عملية خلق الإنسان لاتقوم على أساس الجنس؛ لأنها تنتظم الرجل والمرأة، فالرجل والمرأة قد خلقا في أحسن تقويم، وما يتمتعان به من قدرة على القيام بدورهما البشري مبنيّ على أسس لاعلاقة لها بالفروق البدنية بينهما.

ويؤكد الإسلام كذلك على عبودية الرجل والمرأة لله تعالى، فلا يفوق أحد الجنسين الجنس الآخر، ولا يقل عنه في هذه المرتبة، على اختلاف في تفاصيل عبودية كل منهما، فالمرأة على سبيل المثال مأمورة بتغطية شعرها، والرجل مأمور بالإنفاق على زوجته، وهذان الأمران في نظر عالم اليوم مظهران من مظاهر اضطهاد المرأة والرجل على الترتيب، لكننا نحن المسلمين نرى أن هذين الأمرين مظهران مختلفان من مظاهر العبودية، ونفهم كذلك [وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعِبَادِ].
والرجل والمرأة كذلك يتساويان في الجزاء على العمل الصالح
وفي القيمة البشرية، وفي الثواب على العبادة، وفي الجزاء على أعمال الدنيا، ويلخص الإمام فخر الدين الرازي ذلك بقوله في تفسير هذه الآيات: «لا تفاوت في الإجابة وفي الثواب بين الذكر والأنثى إذا كانا جميعًا في التمسك بالطاعة على السوية، وهذا يدل على أن الفضل في باب الدين بالأعمال، لا بسائر صفات العاملين؛ لأن كون بعضهم ذكرًا أو أنثى، أو من نسب خسيس أو شريف لا تأثير له في هذا الباب».
وقد ورد في القرآن الكريم أيضًا أن الرجال والنساء متساوون في التعرض للعقاب إذا تعدوا حدود الله، يقول الله تعالى: [مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ].
وإذا اعتقد شخص أنَّ الرجال أفضل من النساء، فاعتقاده لا معنى له في الواقع؛ إذ قد تكون إحدى النساء أفضل من أحد
الرجال بعملها، وقد يفضل عمومُ النساء عمومَ الرجال في زمان أو مكان، ويأتي العلامة النحوي ابن هشام الأنصاري ليوضح هذه النقطة بشرحه استخدام أداة التعريف في اللغة العربية بقوله: «وأما التي لتعريف الجنس فكقولك (الرجل أفضل من المرأة) إذ لم تُرِد به رجلًا بعينه ولا امرأة بعينها، وإنما أردت أن هذا الجنس من حيث هو أفضل من هذا الجنس من حيث هو، ولا يصح أن يراد بهذا أن كل واحد من الرجال أفضل من كل واحدة من النساء؛ لأن الواقع بخلافه».
ومن ثمّ، فإذا فهمنا الإسلام حق الفهم علمنا ألا وجود فيه لمبدأ
تفهم النساء منه أنهن أقل من الرجال، إذ يتميز كل امرئ بعمله، وأفضل الناس هو الأفضل عملًا، يدل على ذلك قول الله تعالى: [إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ].

About Author

اترك رد