الأشهر الحرم
الأشهر الحرم
شهر ذي القعدة هو الشهر الحادي عشر من السنة الهجرية التي تتبع التقويم القمري، وهو آخر شهرٍ قبل بدء شهر الحج (ذو الحجة).
يُعد شهر ذي القَعدة : هو أحد الأشهر الحُرُم، وهي أربعة أشهر هي:
ذو القعدة،
وذو الحجة،
والمُحرَّم،
ورجب،
والأشهر الحرم هي أربعة: رجب – ذو القعدة – ذو الحجة – محرم
شهر مفرد وهو رجب والبقية متتالية وهي: ذو القعدة – ذو الحجة – محرم
والظاهر أنها سميت حُرما لأن الله حرم فيها القتال بين الناس فلهذا قيل لها حُرم، جمع كلمة حرام، كما قال جل وعلا: (إنّ عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم) التوبة: 36
وقال تعالى: (يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير) البقرة: 217
فدل ذلك على أنه محرم فيها القتال، وذلك من رحمة الله لعباده، حتى يسافروا فيها، وحتى يحجوا ويعتمروا.
واختلف العلماء: هل حرمة القتال فيها باقية، أو نسخت؟ على قولين:
الجمهور: على أنها نسخت وان تحريم القتال فيها نسخ بقوله تعالى: (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) التوبة: 5
وقول آخر على أنها باقية ولم تنسخ، وأن التحريم فيها باق ولا يزال، وهذا بالنسبة لجهاد الطلب أما جهاد الدفع فيها فهو جائز إجماعا من غير خلاف.
وهذه الأشهر الحُرُم يمنع فيها القتال –إلا ردًّا للعدوان– وتُضاعف فيها الحسنةُ كما تُضاعف السيئةُ.
وذهب الشافعي وكثير من العلماء إلى تغليظِ دِيةِ القتيلِ في الأشهر الحُرُم.
سبب تسميه ذو القعدة :
وسُمي ذو القعدة بهذا الاسم؛ لأن العرب تقعد فيه عن القتال لحرمته وتعظيمه.
أي: أن سبب تسمية هذا الشهر بهذا الاسم هو أنه أحد الأشهر الذي اشتهر بها العرب بالقعود عن القتال أو الترحال وطلب الكلأ، لذا فإنه كان شهراً هادئاً في الجزيرة العربية، لذا تمت تسميته بذي القعدة.
وفي لسان العرب: تتوقف فيه عن الترحال وطلب الكلأ والميرة.
ذو القَعدة بفتح القاف هو من القعود، ويجوز الكسر.
قال السخاوي: ويجمع على ذواتِ القعدة
وكان ذو القَعْدَة شأنه كسائر الأشهر الحرم مناسبةً تُقام فيها الأسواق للتجارة، والشِّعر، وتبادل المنافع في كل من عُكاظ والمِرْبَد وذي المجاز والمِجَنَّة.
أما ذو القعدة فقد كان ينعقد فيه سوق عكاظ بمكة، وهناك روايتان تختلفان في وقت انعقاده؛ تقول الأولى إنه كان يعقد فيه من أوّله إلى العشرين منه، والرواية الأخرى تقول إنه كان يعقد من نصفه إلى آخره، ثم إذا رأوْا هلال ذي الحِجَّة انصرفوا إلى سوق ذي المجاز.. وفى هذه الأسواق كان الرجل يلْقى قاتل أبيه أو أخيه فلا يهيجه تعظيمًا لحرمة الشهر.
ومن الأسماء الأخرى التي أطلقت على ذي القعدة قبل الإسلام بوقت طويل حَرْف، وهُواع، ورَنَّة، والرَّنَّة الصيحة الحزينة لصوت الحزين عند الغناء؛ ولربما كان ذلك لأنه يمثل الوقت الذي يتحركون فيه إلى الحج مغنّين مُلَبّين، ثم إن حجهم نفسه كان مكاء وتصدية (صفيرًا وتصفيقًا).
2- ذو الحجة
سمي هذا الشهر بذي الحجة لأن العرب عرفوا الحج فيه، وهو الشهر الثاني عشر من السنة القمرية، والشهر الثاني من الأشهر الحرم.
3- محرم
سمي بهذا الاسم، لأن العرب قبل الإسلام حرموا القتال فيه، وهو الشهر الأول من السنة الهجرية.
4- رجب
معنى رجب أي الشيء المعظم، ورجب جاءت من الرجوب بمعنى التعظيم، وكان يطلق عليه (مضر) لأن قبيلة مضر كانت لا تغيره بل توقعه في وقته بخلاف باقي العرب الذين كانوا يغيّرون ويبدلون في الشهور بحسب حالة الحرب عندهم
الحِكمة من تحريم الأشهر الحُرم تأتي الأشهر الحُرم كمحطّةٍ بين رُكنَين من أركان الإسلام، وهما: الصيام، والحجّ؛ إذ يأتي شهر رجب المُحرّم قبل شهر رمضان، فيكون فرصةً للاستعداد لصيام رمضان؛ تلك العبادة الجليلة التي تحتاج إلى شحذ النفوس، ومجاهدة النفس لتَرك ما تحبّه، بينما تأتي فريضة الحجّ في الأشهر الحُرم؛ لتتفرّغ النفس للعبادة، ففرضيّة الحجّ فيها مَشقّةٌ تتطلّب بَذْل الجُهد والطاقة لأداء المناسك على الوجه المشروع، ويدلّ على ذلك ما ورد في السنّة النبويّة ممّا أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (قُلتُ يا رَسولَ اللَّهِ، ألَا نَغْزُو ونُجَاهِدُ معكُمْ؟ فَقالَ: لَكِنَّ أحْسَنَ الجِهَادِ وأَجْمَلَهُ الحَجُّ، حَجٌّ مَبْرُورٌ، فَقالَتْ عَائِشَةُ فلا أدَعُ الحَجَّ بَعْدَ إذْ سَمِعْتُ هذا مِن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ)،
ولعلّ الحكمة من تحريم تلك الأشهر تتمثّل في ارتياح النفس فيها، وأمان الناس على أنفسهم وأهليهم، فيتفرّغون للعبادة، والعمل، والطاعات التي تُعدّ مَظنّة الراحة والأمن، ولذلك أمر الله -تعالى- نبيّه -عليه الصلاة والسلام- بالعبادة والركون إليه حين تحقُّق الفراغ، قال -تعالى-: (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ*وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَب).