أهداف الهجرة النبوية الشريفة
أهداف الهجرة النبوية الشريفة
لم تكن هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في سبيل الله بدعا، بل هي سنة قديمة في حياة الرسل لإيجاد وسط سليم لنشر التوحيد، وتقبله والاستجابة له، والذود عنه، فهذا النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان قد هاجر من مسقط رأسه مكة إلى المدينة المنورة من أجل ذات الهدف؛ ذلك أن بقاء النبي صلى الله عليه وسلم في أرض يلقى من أهلها الأذى ويتوعدونه بالقتل، لا يخدم الدعوة إلى التوحيد، بل يعوق مسارها ويشل حركتها، وقد يعرضها للانتكاس، ولهذا فقد فرض الله عز وجل الهجرة على النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كانت أعظم حدث حول مجرى التاريخ، وغيَّر مصار ومنهج حياة شبه الجزيرة العربية، من: عقائد وعبادات، وقوانين ونظم، وأعراف وعادات، وأخلاق وسلوك، وإني من خلال هذا المقال أورد بعض معاني وأهداف الهجرة النبوية، لعل من يحقق بعضا منها:
بعض معاني الهجرة:
إن للهجرة النبوية معاني ودلالات كثيرة، وحسبي بعضا منها: إذ الهجرة تعني: الانتقال المادي من بلد إلى آخر، وكذلك الانتقال المعنوي من حال إلى حال؛ فقد حولت الدعوة الإسلامية من حال الضعف إلى حال القوة، ومن حال القلة إلى حال الكثرة، ومن حال الفقر إلى حال الغنى، ومن حال الفرقة إلى حال الوحدة، ومن حال الجمود إلى حال الحركة، ومن حال الجهل إلى حال العلم، ومن حال الدعوة إلى حال الدولة.
بعض أهداف الهجرة:
إن للهجرة النبوية أهداف وغايات كثيرة، ولقد حققت الهجرة النبوية الغاية المنشودة في العهد النبوي وهو بناء الدولة للنشر التوحيد والعدل والسلام، ولابأس أن أشير إلى بعض الأهداف التي استفدناها من الهجرة النبوية ويمكن أن نحققها في زماننا هذا:
الصبر على الأذى؛ إذ الصراع بين الحق والباطل صراع قديم وممتد، وذلك عن طريق الحبس أو القتل أو النفي، وعلى الداعية أن يلجأ الى ربه، ويتوكل عليه ويعلم أن المكر السيء لا يحيق إلا بأهله.
التخطيط جزء من التكليف؛ إذ اتخاذ الأسباب واجب، ولا يعني ذلك دائماً تحقق المراد، ذلك أن هذا أمر متعلق بمشيئة الله، ومن هنا كان التوكل أمراً ضرورياً وهو من باب استكمال اتخاذ الأسباب.
تأدية الأمانات لأصحابها؛ إذ الأمانة مسؤولية المؤتمِن في الحفاظ عليها، ولو كان في أصعب الظروف التي تنسي الإنسان نفسه فضلاً عن غيره، وخيانتها من خصال المنافق، ولو كان المؤتمَن عدوا.
التأليف بين القلوب؛ إذ إزالة العداوة والضغناء بين المسلمين، لا يمكن أن يكون هذا الأمر إلا بعد وقر الإيمان في القلب، وهو دور لا يمكن أن يقوم به إلا العقيدة الصحيحة الصافية.
هذه بعض الأهداف التي تستنبط من الهجرة النبوية، وأترك للقارئ الكريم أن يستخرج غيرها، ويستنبط سواها من هذا الحدث العظيم.