مفهوم السعادة في الاسلام

0
IMG-20210527-WA0001

•السعادة في الاسلام •

مفهوم السعادة في الإسلام تُعرف السعادة بأنّها الشعور الداخلي الذي يشعر به العبد ويبعث على سكينة النفس، وطمأنينة القلب، وانشراح الصدر،
بالإضافة إلى راحة البال والضمير نتيجة استقامة سلوكه الظاهر والباطن بسبب الإيمان بالله، وقد أشار الله -عز وجل- إلى السعادة والحياة الطيبة في الكثير من المواضع القرآنية،

كقوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} [النحل: 97]؛ إذ إنّ السعادة في الإسلام لا تقتصر على الجانب المادي فقط وإن كان عنصرًا من عناصرها، بل يُركز الإسلام على الجانب المعنوي كثيرًا؛ إذ يُعد السلوك القويم سببًا في تحصيل السعادة والاستمتاع بها؛ لقوله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الأعراف: 32].

وقد جاء الإسلام بنظام متكامل يتضمن القواعد والنظم التي تحقق للعبد جميع مصالحه في الدنيا والآخرة؛ فالإسلام وازن بين الجانبين؛ واهتم بالسعادة الدنيوية ووضع الأحكام والضوابط التي تكفلها؛ إذ جاء للحفاظ على المصالح العليا المتمثلة في الحفاظ على النفس، والعقل، والمال، والنسل، والدين، كما أكد على أن الحياة الدنيا وسعادتها ليست سوى طريق إلى الآخرة، لقوله تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [القصص: 77]،

وركّز على السعادة في الآخرى بوصفها بالسعادة الحقيقية الدائمة، وجعلها متعلقةً بصلاح العبد في حياته الدنيا، لقوله تعالى: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل: 32]

تحقيق السعادة في الحياة مع الله يظن أكثر الناس أن السعادة في كثرة المال، أو في بيت فخم وسيارة حديثة، أو في الأولاد والأحفاد، أو في الوجاهة والمناصب، أو في امرأة ذات مال وجمال ودلال، لكنّ المتأمل في هذه يجدها متع دنيوية زائلة وفانية ولا تؤدي الى السعادة الحقيقية التي تغمر القلب والنفس بالراحة والاطمئنان؛ إذ إنّ السعادة ليست في المتع الدنيوية بل هي في طاعة الله، والبعد عن معصيته، والفوز بالجنة والنجاة من النار، لقوله تعالى: {فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَاز} [آل عمران: 185]، وحتى يفوز الإنسان ويجد السعادة الحقيقية في القرب من الله يجب أن يسير على الصراط المستقيم، وأن يتبع سنة الرسول -عليه السلام-، وأن يتقي الله ويعبده كأنه يراه فإن لم يراه فإنّ الله يراه، ويجب الأخذ والالتزام بأسباب السعادة في الدنيا والآخرة، ونذكر أدناه أهمها، ومنها:
الإيمان والعمل الصالح: ‏ إذ إنّ الحياة الطيبة والسعادة القلبية والسكينة تكون لأهل الإيمان والعمل الصالح، ولو فقدوا المتاع الدنيوي الزائل، أما غيرهم لو وجدوا جميع أسباب السعادة الدنيوية والملذات المحسوسة فإنهم حتمًا في ضيق ونكد، لقوله تعالى: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [‌‎النحل: 123-124]، ومن أعظم الأمثلة قول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- عندما حُبس في قلعة: [ما يصنع أعدائي بي؟ إن جنتي وبستاني في صدري إني رحت فهي معي لا تفارقني، إن حبسي خلوة وقتلي شهادة وإخراجي من بلدي سياحة]، ويقول ابن القيم في شيخ الإسلام -رحمهم الله-: [وعلم الله ما رأيتُ أحدًا أطيب عيشًا منه مع ما كان فيه من ضيق العيش فهو من أطيب الناس عيشًا وأشرحهم صدرًا وأقواهم قلبًا وأسرهم نفسًا تلوح نضرة النعيم على وجهه].

الإحسان إلى الخَلق: ويكون الإحسان بالقول والعمل وجميع أنواع المعروف، إذ إنّ الله يعامل العبد وفق معاملته للعباد، فمن يحسن إلى الخلق يجازيه الله بالرفق والرحمة، ودفع الهموم عنه؛ لقوله تعالى: {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 114].‏

الاشتغال بالأعمال والعلوم النافعة: إذ إنّها تُؤنس النفس وتُلهي القلب عن القلق والتوتر الناتج عن الضغوطات الدنيوية؛ فكلما انشغل العبد ونسي أسباب الهموم فرحت نفسه وازداد نشاطه.

About Author

اترك رد