IMG_20210415_135207_618

بقلم / منال منصور.

قصتنا عن باب زويلة.. مشنقة طومان باى ورسل هولاكو.. و«متولي» تحصيل الضرائب في مصر، ومنذ أكثر من ألف عام مضت, شرع القائد الفاطمي «جوهر الصقلي»، ومن بعده أمير الجيوش «بدر الدين الجمالي»، في بناء أسوار القاهرة الفاطمية، ثم جاء من بعدهم الدولة الأيوبية، التي ورثت التصدي الدفاعي عن الأمة الإسلامية من هجمات الصليبيين والمغول، وكان الهدف من بناء تلك الأسوار أن تكون القاهرة قلاعا حصينة يحتمي بها السكان.

وظلت تلك الأبواب تحمى القاهرة على مر العصور، حتى إن حكام مصر طيلة أكثر من 8 قرون عكفوا على زيادة أطوالها في عصور لاحقة على العصر الفاطمي، وللأهمية التاريخية لتلك الأبواب، دائما ما تحظى بالترميم للحفاظ عليها، باعتبارها نموذجا فريدا للتحصينات الحربية في الإسلام.بداية القصةعندما جاء “الصقلي” يقود قوات الخليفة المعز لدين الله الفاطمي من القيروان لدخول مصر، كان في مقدمة ما عنى به إنشاء مدينة القاهرة، وليس بعجب أن يكون أول شئ يبدأ به هو بناء سور من الطوب اللبن يضم ثمانية أبواب، هي “زويلة” وباب “الفرج” في الجنوب، وبابا “الفتوح” و”النصر” في الشمال، وباب “القراطين”، والذي عرف فيما بعد بباب “المحروق”، و”البرقية” في الشرق، وباب “سعادة”، ثم باب “القنطرة” في الغرب.

وفي عام 1087 قام أمير الجيوش بدر الجمالي بتجديد هذا السور، من الأحجار الضخمة، ولم تبق منه إلا بقية ضئيلة موجودة في شارع الجيش، وتضم ثلاثة أبواب وهي، باب الفتح وباب زويلة وباب النصر، والتي قام ببنائها ثلاثة إخوة وفدوا إلى مصر من أرمينيا فقام كل واحد ببناء باب من الأبواب الثلاثة بأمر بدر الجمالي.

أبواب القاهرةتُعد الأبواب التي ظهرت في أسوار القاهرة خلال العصور الثلاثة التي نشأت فيها من روائع العمارة الحربية في الحضارة الإسلامية؛ لِما تميز به مِن شموخ وروعة وجمال في الفن المعماري والتصميم.

وكان للقاهرة من جهتها الجنوبية بابان متلاصقان، يقال لهماباب زويلة تقع تلك البوابة إلى الجنوب مِن حصن القاهرة الفاطمي، وسُمي بهذا الاسم نسبة إلى قبيلة من البربر بشمال أفريقيا، انضم جنودها إلى جيش جوهر الصقلي لفتح مصر، وباب زويلة هو الباب الثالث الذي لا يزال يقاوم عوامل الزمن والإهمال بعد بابي النصر والفتوح، ويعتبر هذا الباب أجمل الأبواب الثلاثة وأروعها، وله برجان مقوسان عند القاعدة، وهما أشبه ببرجي باب الفتوح، ولكنهما أكثر استدارة ِ.

يشغل باب زويلة مساحة مربعة، طول كل ضلع من أضلاعها 25 مترا، وممر مسقوف كله بقبة، وقد اختفت منه معظم العناصر الزخرفية، وعندما بنى الملك المؤيد أبو النصر شيخ مسجده عام 818 هجرية، اختار مهندس الجامع برجي باب زويلة وأقام عليهما مئذنتي الجامع، ويذكر القلقشندي والمقريزي الكثير من أبيات الشعر عنه كان قد كتبها على بن محمد النيلي تتحدث عن عظمة هذا الباب، ومنها قوله: “يا صاح لو أبصرت باب زويلة.. لعلمت قدر محله بنيانا، لو أن فرعونا رآه لم يرد *** صرحا ولا أوصى به هامانا”.

عُرف باب زويلة بين الشعب المصري باسم “بوابة المتولي”، حيث كان يجلس في مدخله “متولي” تحصيل ضريبة الدخول إلى القاهرة، وهذه البوابة لها شهرتها في التاريخ المملوكي والعثماني، ويشتهر هذا الباب أو البوابة بكونه الذي تم تعليق رؤوس رسل هولاكو قائد التتار عليه حينما أتوا مهددين للمصريين، وأعدم عليه أيضاً السلطان طومان باي عندما فتح سليم الأول مصر وضمها للدولة العثمانية، كما شُنِق عليها الكثيرُ مِن الأمراء وكبار رجال الدولة، ولم يتوقف استخدامُها لتعليق رؤوس المشنوقين عليها إلا في عصر الخديوي إسماعيل.

About Author

اترك رد