التيمم

مفهوم التيمم

الأصل أن يقوم المسلم باستعمال الماء عند الوضوء والغسل، لكن قد تطرأ حالات على المرء، يتعذر معها استعمال الماء إمَّا لفقدانه أو خشية وقوع الضرر عند استخدامه، وهنا يظهر يسر الشريعة الإسلامية بإباحة استعمال التراب الطهور لمسح الوجه واليدين على وجهٍ مخصوص وهذا ما يُعرف بالتيمم،وقد ذُكر ذلك في القرآن الكريم، حيث قال تعالى: {وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَد منكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَاءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيديكم. أحكام وشروط التيمم قبل الحديث عن أحكام وشروط التيمم، لا بدَّ أولًا من بيان صفة التيمم، ويكون التيمم بأن يضرب المسلم الأرض ضربة واحدة ثمَّ ينفخ في يديه ويمسح ظاهر كفيه ثمَّ يقوم بمسح وجهه، وذلك لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنَّما كانَ يَكْفِيكَ هَكَذَا فَضَرَبَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بكَفَّيْهِ الأرْضَ، ونَفَخَ فِيهِمَا، ثُمَّ مَسَحَ بهِما وجْهَهُ وكَفَّيْهِ”، أحكام وشروط التيمم فهي عديدة سيتم بيانها في هذه الفقرة في عنوانين مستقلين، وفيما يأتي ذلك: شروط التيمم إنَّ شروط التيمم عديدة تشترك مع شروط الوضوء في خمسة وهي النية والإسلام والعقل والتمييز والاستنجاء أو الاستجمار، وتزيد على شروط الوضوء في ثلاثة، وهذه الشروط الثلاثة هي:دخول وقت الصلاة: فلا يصح التيمم لصلاة لم يحين وقتها، كما أنَّه لا يصحُّ لنافلة في وقت النهي ودليل ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “وجُعِلَتْ لي الأرْضُ مَسْجِدًا وطَهُورًا، وأَيُّما رَجُلٍ مِن أُمَّتي أدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ”.تعذر استعمال الماء: ويكون ذلك إمَّا لفقد الماء ودليل ذلك قول النبيِّ: “إنَّ الصعيدَ الطيبَ طهورُ المسلمِ وإن لم يجدِ الماءَ عشرَ سنين فإذا وجد الماءَ فليمسَّه بشرتَه فإن ذلك خيرٌ”،أو خشية الضرر ودليل ذلك قول عمرو بن عبد العاص -رضي الله عنه- حيث قال: “احتَلمتُ في ليلةٍ باردةٍ في غزوةِ ذاتِ السُّلاسلِ فأشفَقتُ إنِ اغتَسَلتُ أن أَهْلِكَ فتيمَّمتُ، ثمَّ صلَّيتُ بأصحابي الصُّبحَ فذَكَروا ذلِكَ للنَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ: يا عَمرو صلَّيتَ بأصحابِكَ وأنتَ جنُبٌ؟ فأخبرتُهُ بالَّذي مَنعَني منَ الاغتِسالِ وقُلتُ إنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ يقولُ:(وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) فضحِكَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ولم يَقُلْ شيئًا”.أن يكون التراب طهورًا له غبار: وإن ضرب المسلم بيده على جدارٍ أو شعرٍ أو بساطٍ له غبار جاز ذلك، ودليل ذلك فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث أنَّه ضرب بيده على الجدار ومسح كفيه ووجهه. أحكام التيمم بعد بيان شروط التيمم، سيتم بيان بعض الأحكام المتعلقة بالتيمم من حيث ما يجوز فعله في التيمم الواحد وما يبيح التيمم، وهلم جرا، وفيما يأتي بيان أحكام التيمم: إنَّ التيمم يبيح جميع ما يبيحه الوضوء والغسل لأنَّه بدلًا عنهما، ولأنَّ الشرع سماه طهورًا كما سمَّى الماء طهورًا ودليل ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “جُعِلتْ ليَ الأرضُ مَسجدًا وطَهورًاوعلى ذلك فيجوز للمسلم الصلاة والطواف بالبيت وغيرها من الأمور متيممًا.يجوز أن يأتمَّ المتوضئ بالمتيمم، ودليل ذلك حديث عمرو بن العاص حيث قال: “فتيمَّمتُ، ثمَّ صلَّيتُ بأصحابي الصُّبحَ”.إن صلَّى المرء متيممًا ثمَّ وجد الماء بعد إنتهائه من أداء الصلاة فصلاته صحيحة ولا يجب عليه الإعادة، بينما إن وجد الماء بعد تيممه وقبل أداء صلاته وجب عليه الوضوء وكذلك إن شرع في صلاته ووجد الماء قبل الإنتهاء منها وجب عليه الخروج من الصلاة ثمَّ إعادتها بعد متوضئًا.إن وُجد الماء لكن احتاج إليه المسلم للشرب فله أن يتيمم.لا يجوز عند الشافعية صلاة أكثر من فرضٍ بتيممٍ واحد وله أن يصلي ما شاء من النوافل، مع العلم أنَّها مسألة خلافية بين الفقهاء حيث أنَّ الأحناف قالوا بجواز الصلاة ما شاء من الفرائض بتيممٍ واحد.حكم التيمم ذُكر سابقًا في مقدمة المقال أنَّ الأصل هو استعمال الماء للطهارة، لكن في حال تعذُر استعمال الماء فإنَّ الشريعة أباحت استعمال التراب الطهور، وعلى ذلك يُمكن القول بأنَّ حكم التيمم عند تعذُر استعمال الماء هو الجواز ويعدُّ التيمم في هذه الحالة طهارة حكمية تصحُّ الصلاة معها، أمَّا عند عدم تعذر استعمال الماء فلا يجوز للمسلم التيمم بل يجب عليه استعمال الماء

About Author

اترك رد